هيا بنا نبحر في الموضوع ونستمتع بالقراءة.
التوكل على الله مهم جدا للنجاح في الحياة
كرم الله سبحانه و تعالى الإنسان، و جعله أفضل المخلوقات، بحيث ميزها بنعمة العقل عن باقي خلقه، أكرمهم عز و جل بحبه لهم، بحمايته، و بانتقامه للمظلوم، أحب الجميع بدون استثناء و بلا عنصرية أو اختلاف، أكرمهم بالصحة و العافية و الفرص المتعددة، بغفرانه و رحمته، لكن خير و أحسن و أفضل مثال إكرامهم بنعمة التوكل المتاحة للجميع، من جميع الأصناف و النواحي الصغير و الكبير، الفقير و الغني، المريض و السليم و غيرها فالقائمة في هاته الدنيا طويلة، تأكد يا أيها القارئ، و يا أيتها الروح، و يا أيها العقل و القلب أنه مادام الله سبحانه و تعالى دعاك للتوكل عليه، إلا أنه يحبك حبا جما، سيحميك، سيشافي جروحك، سيعوضك بكل تأكيد، أ لم تسمع آية "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، من أجمل الآيات حقا، أتريد فعلا ان تكمل معي هذا الموضوع، و أنا اقسم لك أنه من أجمل المواضيع و أهمها.
جيد أراك لازلت مصرا على الإستمرار، هيا إذا لنتطرق إلى مفهوم بسيط سيسهل عليك و علي شرح هذا المقال.
ما معنى التوكل على الله
لن أبدأ بالسرد و الحكي، فأنا أحب أن أعزز كلامي بالأمثلة. نعلم جيدا أن المرء يعاني في هاته الحياة، عادي طبعا لأنها الحياة الدنيا، و عندما أقول كلمة يعاني إعلم أنها المشاكل التي لا حدود لها، تجد الفقر و المرض إذا ٱجتمعا شكلا كارثة ضخمة لها عواقب جد وخيمة، تدمر العلاقات الأسرية و العائلية و الإجتماعية عامة، و أي دمعة تنزل، مع مرور العمر و ٱزدياد المسؤوليات و المرور بالتجارب و المواقف تصبح أعيننا تردف دمعة تليها دموع، فيصير غيتا هاطلا بغزارة، تكون دمعة يتيم فقد والداه الذي كانا سنداه و أمله كأي طفل محتاج إلى حنان والدته و حماية أبيه، دمعة أم فقدت إبنها نصف حياتها، و أحيانا سبب عيشها، دمعة مريض خانته صحته فأصبح طريح الفراش، دمعة مكتئب كره هاته الحياة نظرا لقسوتها و ظلمها له، تسقط دمعة ألم تليها دموع، أين سأجد يدا تمسح على وجنتاي بلطف، على أي كتف سأسند عليه رأسي، تعلم يا إنسان و يا بشر و يا قارئ ألا تتكل على إنسان، و ألا تجعل منه بئرا لأسرارك و أوجاعك، فكن على يقين أن الحياة حلقة جحيمة ستقوم بدوراتها الإعتيادية، سيأتي يوما و ستلعن فيه الساعة و الدقيقة و الثانية التي أوحيت بأسرارك و أحزانك لمن ضننته يستحق ثقتك، سيمسك من ذراعك المكسورة، و لن يفكر إلا بأذيتك، هذا ما يسمى بالذئاب البشرية، لكن ماذا لو فكرت أن سندك هو الله، أن الله من سيمحي دموعك، من سيطبطب على كتفك، من سيمسك بيدك حتى تقف مجددا، هو من سيعطيك فرصا متتالية، من سيفتح لك أبواب الخير، هو من سيقود بك إلى مبدأ أن بعد كل بكاء ضحك، بعد كل حزن سعادة، بعد كل هم فرج، هو الوحيد الذي لن يقارن حبه، و هو عز و جل طالب منك فقط للإتكال عليه لا على الغير.
هل تتسائل يا عزيزي القارئ عن كيفية التوكل عليه سبحانه و تعالى، أليس كذلك، حسنا لا عليك إلا إتباع ما سأمليه عليك بالحرف الواحد، أ رأيت حتى أنا كاتبة هذا المقال ما أنا إلا سبب بعثه الله لك للتوكل عليه، أنا أخاطبك الآن أيتها الأعين القارئة لحبري، أيقضي عقلك و قودي بقلبك إلى طريق الله عز و جل، ها أنا أقترح عليك حلا أعطاه الله لك، فلماذا تعقدون الأمور، ربنا سبحانه و تعالى، بين لكم كل شيء فلما التغاضي؟ إذهب يا بشر إلى طريق الحق، لا تتغابى، جاهل أو أم أو متعلم، لا يفرق في هاته الدنيا لا شيء مستحيل، إذا الله نجى يونس في بطن الحوت و جعلها معجزة من معجزاته، فكيف له ألا يقود بك إلى طريق الصواب، فتأكد مهما حدث إذا أردت شيئا بشدة و صعب عليك لا عليك إلا الإستغفار و ذكر الله، و قراءة ما تيسر و ما عرفك الله من آياته العظيمة. "إن الله على كل شيء قدير".
كيف أتوكل على الله سبحانه و تعالى
- الإلتزام بأركان الإيمان الست: إذا كنت مؤمنا حقا، و معترف بالله عز و جل و محارب لدينك الحنيف، ستكون طبعا موحدا لله عز و جل، جيد إذا كرر معي "أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، و أشهد أن النار حق و الجنة حق"، جيد جدا هل ارتحت بعدما كررت أليس كذلك، الآن نعلم أن الإيمان و ٱتباع دين الإسلام، مسؤولية جد كبيرة أكبر من أي شيء في الحياة، هل تعلم لماذا؟ لأن طبعا هذا ما يسمى مفتاح الجنة، و هو أن تحضر برضى الله عز و جل، و لكي تحضى برضاه و رضى رسوله، عليك أن تكون مؤمنا به أي مؤمنا بالله و بكتبه و برسله و باليوم الآخر و بالقدر خيره و شره، أن تؤمن بالله أي أنك تحرص على كل ما أمرنا به عز و جل من صلاة و صيام و زكاة...، أي الإلتزام بقوانينه، و الإبتعاد عن كل ما نهانا عنه من محرمات كشرب الخمر و غيرها...، و الإيمان بكتبه أي أن نطبق آياته العظيمة بالحرف الواحد و ألا يكون لدينا و لو بصيص شك فيها و الحفاظ عليها و عدم تحريفها، أما الإيمان برسله أي أن نأخذهم قدوة لنا و الإلتزام بأحاديث رسولنا و حبيبنا الكريم خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه و سلم، و الإيمان بالقدر خيره و شره أي أن نرضى و نقنع بما أتانا به الله عز و جل قدرا سيئا كان أو جميلا، و القدر هو كل ما كتبه الله علينا في حياتنا هاته، و كما ذكرت سابقا أن هذا ما هو إلا ٱختبار، فلنؤمن بالله الواحد القهار مالك الملك و الملكوت لأن الإيمان به من أهم أسباب التوكل عليه.
- الإخلاص: الإخلاص من أهم الصفات و السمات التي يجب أن يتسم بها المرء نحو ربه عز و جل، و هو الإخلاص، أن تكون مخلصا لربك في عبادتك و في حبك له، و هذا يعتمد على نيتك " إنما الأعمال بالنيات و بكل مرء ما نوى" فإذا كنت تريد أن تتصدق على أحد لكن نيتك هي أن يراك الناس غنيا و سخيا في مالك، فهذا لن يتقبله لا الله و لا عبده، لأن الغني الحقيقي هو الله عز و جل و ذاك المال الذي أعطيته لذلك الفقير، حقيقة من حقه و هو أولى به، لأن الله أوصى على الفقير و المسكين و غيرهم بالتصدق عليهم في سبيله سبحانه و تعالى، و أن تكون مخلصا يعني أن تكون مخلصا في عملك مع ربك أي أن تقوم بواجباتك الدينية معه بالطريقة الصحيحة و بلا خداع لأن الله يعلم ما في الصدور،و ما في النوايا، أن تكون مخلصا أيضا مع والديك، فكما كافحا من أجلك، تربص أنت الآخر لتعوضهم عن كل ما أنفقوا عليك من حب و خوف و أمان و سعيهم معك نحو مستقبل مزهر، كن مخلصا أيضا مع كل من أحبك و خاصة من وضع ثقته بك من والدين أولا و عائلتك و أصدقائك، و أن تكون مخلصا في عملك و واجباتك المهنية كانت أو الدارسية، فكل شيء تسجله الملائكة في كتاب الحسنات إذا قمت بما هو حسن، أو في كتاب السيئات إذا فعلت ما هو سيء لا سمح الله، خلاصة أن تكون مخلصا مع الله أولا، ثم مع نفسك، لتكون مخلصا مع الآخرين، لأن الله عز و جل يعطي كل شخص و كل نفس على قدر نيتها، لذا لا تهتم و ٱجعل نيتك خالصة و توكل على الله.
- العطاء: و ماذا لو كنت تعطي و تساعد و الأهم تعطي لله ثقتك التامة، أن تعطي بلا مقابل، بلا من، ألا تشتكي و تقول أنك تعطي و لا تأخذ، أنك لا تستفيد، لا لأن هذا خطأ فادحا لأن الله لا يستقبل منك إذا كنت تشتكي فهذا يبطل مجهودك الذي قدمت، تعلم أن تقدم بروح طاهرة و قلب صاف لا حاقد، تعلم أن تعطي بلا مقابل لأنك كلما أعطيت بلا مقابل رزقت بلا توقع، و كما الله رزقك نعمة الإتكال عليه بدون مقابل و هذا لا شيء من نعمه المتعددة التي لا تعد و لا تحصى، فأنت بدورك قم بتعويض صغير من أجله، و هذا فقط لأن أحبك.
-اللجوء لله عز و جل: يجب على المرء الإلتجاء لله سبحانه و تعالى في جميع حالاته كان فرحا أو حزينا، مكتئبا أو سعيدا، يجب اللجوء لربنا العزيز الجليل، كيف؟ بذكره و استغفاره، و حمده في أي مشكل و في أي نعمة شكرنا له المتكرر، و الإستعانة به في كل أمر، و لا ننسى كذلك أن ننصح الآخرين باللجوء إليه دائما، الله طبعا أمرنا بالإتحاد لذا يجب علينا أن نحب للآخرين ما نحبه لأنفسنا، و أن نكون قدوة و أصدقاء صالحين بالنسبة للآخرين مهما كانوا، و أن نعلمهم الإستعانة بالله و التوكل عليه، فلنرضى للآخرين مصيرا أفضل و أفضل، فسنحاسب على قدر أعمالنا، فلنلجأ جميعنا إليه، و لنترك الظالمين يضحكون بداية و لا نرد السيء بالسيء فنحن عالمون جدا أن الله لا يحب الظالمين و أن حقنا سيرجع عاجلا أم آجلا، فقط لنوكل أمرنا له.
-الإستعانة بالله أكبر المخلوقات و خالقهم: أن نترك أي أمر حرنا فيه إليه عز و جل أن نستعين به و أن نصلي صلاة الإستخارة في أي شيء أخذ عقلنا و ٱستهلك طاقتنا فلنجعله أمرا لدى الله ليرينا كل ما هو خير، أن نستعين به و أن نجعل الآخرين يستعنون به ففي ذلك حسنة، و في كل أمر فلنتعلم قول إن شاء الله.
أهم نتائج التوكل على الله
- تحسن حالنا من الأسوء نحو كل ما هو أفضل، و الشعور براحة نفسية عجيبة لا مثيل لها.
- رضا الله عنا لأننا لم نشرك به، و لم نعتمد عن ما ما سواه.
- فتح أبواب الخير واحدا تلو الآخر، أنذاك يكون الفرج بعد الغم.
و غيرها من النتائج لنتعلم جميعا أن الله إذا حب عبدا ابتلاه، لنعلم أنه كل ما قدره الله علينا يجب علينا أن نقنع به، أن نتعلم حب الخير و أن نتعاون لكن ألا نضع مبدأ الثقة على أحد سوى ربك و والديك، و ألا تتكل و تفوض أمرك إلا له سبحانه و تعالى، فلن تجد أحدا يحبك غير الله، لن تجد أحدا يحميك غيره، لن تجد أحدا يفرجها عليك غيره، و لن تجد أحدا تتوسل و ترغبه سواه، هو على من ستبكي، هو على من ستطلب، هو على من ستستعين و تشكو، لأنه ببساطة هو من خلقك و أعطاك من نعم فلنقم إذا بواجبنا تجاهه و لنقدر دائما قيمة ما أعطانا الله إياه، فلتوكل دائما على الحي الذي لا يموت.
للكاتبة: شيماء مناج
إرسال تعليق